أعمده ومقالات مستقبل التيار الإسلامى.. كلام فى القواعد بواسطة أموال الغد 22 أغسطس 2015 | 10:38 ص كتب أموال الغد 22 أغسطس 2015 | 10:38 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 0 أين موضع التيار الإسلامى على خرائط المستقبل؟ هناك من يطلب إقصاء أحزابه وجماعاته وممثليه من الحياة العامة. فى الطلب ضيق بالتجربة المريرة التى استدعت (٣٠) يونيو وخشية أن تتكرر مرة أخرى. غير أن الكلام على عواهنه يكاد يقع فى المحظور الذى يحذر منه. عندما تغيب القواعد فكل شىء متاح وكل سيناريو ممكن. لا يمكن استبعاد أشباح الدولة الدينية ما لم يكن هناك التزام بقواعد الدولة الحديثة. عندما تكون هناك قواعد على شىء من الوضوح والتماسك فإنه يمكن الرهان على المستقبل بثقة. أية قواعد جديرة بالاحترام لابد أن تنظر فى الحقائق. هذا تيار عريض لا تلخصه جماعة بعينها ولا حزب بذاته. وكأى تيار رئيسى آخر فإن أفكاره أقوى من تنظيماته. إقصاء التيار الإسلامى هو الوهم نفسه. تقويض الجماعة شىء ونفى التيار شىء آخر تماما. بقدر ما تتضح القواعد فإن أية أخطار محتملة تنزوى. المشكلة الحقيقية فى مصر أنه لا توجد مثل هذه القواعد التى تضمن مدنية الدولة بمعناها الدستورى. الدستور نفسه شبه معطل. هناك فارق جوهرى بين القواعد والهواجس. القواعد تؤسس لدولة ديمقراطية مدنية حديثة والهواجس تفضى إلى حروب طواحين الهواء. دمج التيار الإسلامى فى بنية الحياة السياسية من ضرورات الالتزام بالديمقراطية. لا يمتد ذلك لمن يرفع السلاح فى وجه مجتمعه ولا لمن يعترض بناء الدولة الحديثة بأفكار تنتمى إلى القرون الوسطى. غير أن الحسم مع الإرهاب لا يعنى إهدار دولة القانون ولا مصادرة الحريات العامة. هذه مسألة قواعد دستورية. فى أية دولة محترمة الدستور هو الذى يصوغ القواعد العامة لحركة المجتمع. تغييب القواعد مأساة سياسية مروعة. هناك مادتان دستوريتان توفران أساسا متماسكا لأى حوار جدى حول مستقبل التيار الإسلامى. أولاهما المادة الثانية التى تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع». المعنى المباشر أن الدستور لا يمنع بناء أحزاب سياسية بمرجعيات إسلامية. هذا حق دستورى وإنسانى وديمقراطى لا يصح المجادلة فيه. مصادرة الحق هو عدوان على أية قيمة ديمقراطية. غير أن ديباجة الدستور حددت ما هو المقصود بـ«مبادئ الشريعة» حتى لا يفتح المجال لتأسيس دولة دينية تخاصم العصر. وقد كانت تجربة «حزب النور» سلبية للغاية فى مداولات الجمعية التأسيسية التى هيمنت عليها جماعة الإخوان المسلمين. بحسب الديباجة فإن «المرجع فى تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا فى ذلك الشأن». وقد تم إيداع الأحكام فى المضبطة. وثانيتهما المادة الرابعة والسبعين التى تكاد أن تكون مكملة وشارحة. أية قراءة جدية للقواعد الدستورية شبه مستحيلة مالم تضع هاتين المادتين فى سياق واحد. بحسب المادة الأخيرة «لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى». المعنى عدم جواز تأسيس أحزاب سياسية على أساس دينى. الكلام واضح ومنضبط. وهذا يستدعى أن تكون التفرقة حاسمة بين حزب يخلط المقدس الدينى بالمتغير السياسى ويستخدم الشعارات الدينية لأهداف سياسية وآخر يستند فى مواقفه وسياساته إلى اجتهادات فى الفكر الإسلامى. الأول يتصادم مع أية قيم دستورية وديمقراطية والثانى مصادرته جريمة سياسية متكاملة الأركان. فى غياب القواعد قد يلجأ الأمن إلى استعادة رهاناته القديمة التى أثبتت فشلها الذريع كغض الطرف عن أية تجاوزات فادحة مقابل إبداء الولاء. إذا حضرت القواعد يمكن الحديث بجدية عن بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة. المعنى ألا تكون أمنية ولا دينية. إما أن تكون هناك قواعد أو لا تكون. فى جميع المواثيق الدولية فإن هناك تجريما لأية تفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى. التمييز ضد المرأة والمسيحيين لا يمكن إنكاره لدى أغلب الجماعات التى تنتسب إلى الإسلام السياسى. وهذا ما لا يصح الصمت عليه أو التساهل معه. المادة نفسها تمنع «ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية، أو سرى، أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى». تجريم الجماعات السرية يضع قيدا دستوريا على أى احتمال للاعتراف بجماعة الإخوان المسلمين أو الصلح معها. كما أنه ينزع أية شرعية عن أية أذرع سياسية لجماعات سرية على ما كانت العلاقة بين الجماعة وحزبها «الحرية والعدالة». «حزب النور» هو ذراع سياسية أخرى للدعوة السلفية دون أن تكون الأخيرة سرية. الفارق نوعى غير أنه يتعين الفصل بين الدعوى والسياسى فالخلط بينهما يصادم أية قيمة ديمقراطية. تجريم التنظيمات ذات الطابع العسكرى أو شبه العسكرى يمنع أى تساهل مع أية تنظيمات من مثل هذا النوع. الاحتكام إلى السلاح غير الاحتكام إلى الديمقراطية. الأول يلغى كل فرصة والثانى يفتح كل أفق. بحسب القواعد الدستورية فقدت جماعة الإخوان المسلمين شرعية العمل السياسى بدعوتها للعنف وانخراطها فيه وتحالفها الضمنى مع جماعات الإرهاب والتهليل لعملياته. مع كل عملية عنف تتباعد المساحات حتى باتت مبادرات المصالحة سيئة السمعة والفكرة نفسها لا تستند على أى أساس واقعى. غير أن ذلك لا يمنع البحث فيما يجرى داخل الجماعة من تفاعلات حادة. السياسة رؤية عامة وتفاصيل ضرورية. أية رؤية لا تلم بتفاصيل ما تتطرق إليه أقرب إلى موضوعات فى الإنشاء السياسى. هناك تحولات جوهرية فى بنية الجماعة، لم تعد على ذات تماسكها السابق والتشققات أضعفت مراكزها القيادية، لا يوجد مركز واحد له كلمة ملزمة على ما اعتادت طوال تاريخها. بعض الجماعة «تدعش» بالمعنى الحرفى وبعضها الثانى انكفأ على نفسه لا طلق علاقاته التنظيمية ولا انخرط فى أعمالها العنيفة وبعضها الثالث يبحث عن منفذ سياسى فلا يجده، يطلب الحضور العام فتسد أمامه الأبواب. لأكثر من مرة تحدث الرئيس عن حق الذين لم يتورطوا ولا دعوا إلى عنف فى المشاركة العامة غير أنه لا توجد سياسات توحى بأن هذه التعهدات قابلة للتنفيذ فى أى مدى منظور. وهذا خطأ سياسى فادح. بقدر ما يتسع الأفق السياسى وفق قواعد واضحة فإن منسوب الاحتقان الداخلى ينخفض وفرص دحر الإرهاب تتزايد. إذا لم تكن هناك قواعد ديمقراطية وحديثة ودستورية فإن مستقبل البلد كله على الحافة. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/cri1