منوعات فى قضايا الرأى.. والأخبار الكاذبة! بواسطة شوقي السيد 1 أغسطس 2015 | 12:31 م كتب شوقي السيد 1 أغسطس 2015 | 12:31 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 0 يختلط الأمر على كثيرين ومنهم بعض المتخصصين، عند المناقشة أو الحديث، بين الحق فى التعبير والرأى والنقد، فى مختلف القضايا والموضوعات، وبين نشر الأخبار أو المعلومات والبيانات، وعدم التفرقة بينهما، رغم أن الفارق بينهما كبير، فعلى حين أن حرية الرأى والتعبير تقع فى باب الحقوق والحريات، وفى دائرة الحقوق الطبيعية المصونة التى لا تمس ومنها حرية الاعتقاد والرأى والتعبير والنقد، سواء بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر والإبداع، ومنها كذلك حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والإلكترونى التى كفلها الدستور للأشخاص الاعتبارية أو الطبيعية، العامة والخاصة، والتى تحظى بعدم رقابتها أو مصادرتها إلا فى زمن الحرب أو التعبئة العامة، والتأكيد على استقلالها وحيادها، لتعبر عن كل الاتجاهات السياسية والفكرية، وعن العدالة الاجتماعية، وحقها كذلك فى مخاطبة الرأى العام، وحق الناس فى مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيع، لأن مثل هذه الحقوق وغيرها من الحقوق والحريات، لصيقة بشخص الإنسان، لهذا كان كل اعتداء عليها جريمة لا تسقط فيها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم، وتكفل الدولة التعويض عنها تعويض عادلاً، ولهذا قرر الدستور ضماناً لهذه الحريات إنشاء مجالس عليا لضمان حريتها والحفاظ على استقلالها وحيادها وتنوع مصادرها ومنع الممارسات الاحتكارية، ووضع الضوابط اللازمة لضمان قواعد وثوابت المهنة واحترام مواثيق شرفها. ■ هذه الحماية الدستورية لحق التعبير والرأى، مقررة أيضاً بقانون تنظيم الصحافة، وقانون نقابة الصحفيين، فى باب واجبات الصحفيين، بضرورة الالتزام بمقتضيات الشرف والأمانة والصدق، وبما يحفظ للمجتمع مثله وقيمه، وبما لا ينتهك حقوق المواطنين أو يمس حرياتهم، وهى أيضاً مقررة بميثاق الشرف الصحفى الذى أعده الصحفيون بأنفسهم ووافق عليه المجلس الأعلى للصحافة منذ 26/3/1998، لتؤكد أن الحرية أساس المسؤولية، وأن الصحافة تحمل مسؤولية الكلمة وعبء توجيه الرأى العام على أسس حقيقية، واستناداً إلى حق المواطن فى المعرفة، وأنها مسؤولية أيضاً عن حماية الآداب العامة وحقوق الإنسان، ولهذا كان المساس بحرية الصحفى أو تهديده أو ابتزازه جريمة، كما كانت مسؤولية نقابة الصحفيين عن محاسبة الخارجين على تلك القواعد والأحكام ببحث الشكاوى التى ترد إليها وتتضمن مخالفة أحكام القوانين أو ميثاق الشرف الصحى، لإجراء التحقيق والمساءلة والتأديب، بضمانات تكفل حق الدفاع وعدالة الجزاء التى قد تصل إلى الشطب من جداول النقابة. ■ وفضلاً عن تلك النصوص الدستورية والقانونية، فلقد رسخ القضاء المصرى على مدى تاريخه حماية ممارسة تلك الحقوق والحريات، مهما كان التعبير عن الرأى والنقد قاسياً، طالما كان ذلك يستهدف المصلحة العامة، وينجو من السباب أو القذف والتشهير، بمعايير موضوعية واضحة تفرق بين الرأى والتعبير.. وجرائم السب والقذف، التى تنال من الأشخاص أو سمعتهم أو الطعن فى أعراضهم وعائلاتهم، ويجرى التسامح بقدر معقول فى حق من يشغل وظيفة عامة، متى كان النقد عن سلوك المسؤول من شأنه أن يؤثر فى مقتضيات الوظيفة العامة فى البلاد، لهذا كانت الحماية المقررة للحريات والحقوق فى مجال الرأى والتعبير والنشر بأى صورة أمراً مقضياً وراسخاً على مر الزمان، بيد أن الأمر يختلف تماماً عن نشر الأخبار أو البيانات والمعلومات، لأن ذلك كله لا يندرج ضمن قضايا الرأى والتعبير والنقد، خاصة إذا كان نشرها كذباً، وأولى وأشد إذا كان ذلك عمداً. ■ لهذا كانت الحماية والضمانات المقررة لحرية التعبير والرأى والنشر لا تمتد إلى نشر المعلومات والأخبار الكاذبة أو غير الصادقة، لأن لكل مجال مقالاً، فالخبر دوماً لابد أن يكون صحيحاً وصادقاً، والمعلومة والبيان لابد أن يكونا موثقة وغير مجهلين، ولا يخضع أى منهما لهوى الناشر، أو لرأيه أو تقديره، فلا مجال فيه للخلاف أو الرأى لأن ذلك كله لا يخضع للاجتهاد أو الإبداع!! ■ ولأن نشر الأخبار حق للرأى العام التزاماً بحق المعرفة، لهذا وجب أن يكون النشر صادقاً وصحيحاً، لا يقبل كذباً أو تحريفاً، وقد حظى هذا الالتزام باهتمام القانون، ورتب الجزاء المناسب على نشر الأخبار الكاذبة، بجزاءات متعددة تختلف درجتها تبعاً لما يترتب على النشر من آثار، وما إذا كان الخبر الكاذب، من شأنه إثارة الفتنة فى المجتمع، أو بث شائعة من شأنها تكدير السلم أو إثارة الفزع، أو الإضرار بالمصلحة العامة والأمن القومى فى البلاد، وبلغت درجة الجزاء عقوبة مقيدة للحرية بمواد قانون العقوبات. ■ ولهذا أيضاً ولذات الاعتبارات، كان وبنص صريح فى الدستور، التزام الدولة بتوفير المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق باعتبارها ملكاً للشعب، والالتزام بالإفصاح عنها واعتباره حقاً تكفله الدولة لكل مواطن وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها، ويحدد القانون عقوبة على حجبها أو إعطائها مغلوطة عمداً، ونص القانون على حق الصحفى فى الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار التى ينشرها، وحظر فرض أى قيود تعوق حرية تدفق المتعلومات أو تعطيلها لأن ذلك كله حق للمواطن فى الإعلام والمعرفة، ورقابة الشعب على مجريات الأمور فى البلاد.. باعتباره صاحب السيادة ومصدر كل السلطات. ■ وإذا كان من حق الرأى العام المعرفة والإعلام بما ينشر من أخبار وبيانات ومعلومات، فإنه يلزم أن يكون نشرها صادقاً وصحيحاً دون تحريف، على حين أن التعليق عليها يدخل فى مجال الرأى.. بشرط أن يكون التعليق على أخبار صادقة وصحيحة وموثقة عن مصدرها، مهما اختلفت الآراء بشأنها أو تقييمها لأن تلك الآراء تتمتع بالضمانات المقررة فى القوانين فى مجال حرية الرأى والتعبير والنقد. ■ ولهذه الأسباب أيضاً، كانت الضجة التى أثيرت بشأن تجريم نشر الأخبار الكاذبة عمداً، وبما يخالف البيانات التى تقررها الجهات المعنية المختصة، هذه الضجة، مع احترامى للجميع، لم يكن لها ما يبررها متى كان النشر الكاذب عمداً ومخالفاً لما يصدر عن الجهات المعنية فى البلاد، لأن الأخبار والبيانات والمعلومات حق للمواطنين وللرأى العام.. ومعرفتها معرفة صادقة غير محرفة أو كاذبة، خاصة إذا كانت تلك الأخبار متعلقة بنشر أو إذاعة أخبار أو معلومات وبيانات عن جرائم الإرهاب، أو حتى غيرها. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/37af