دينا عبد الفتاح “هرم”يستوعب الأحياء وليس الأموات ! بواسطة دينا عبد الفتاح 9 يوليو 2015 | 9:35 ص كتب دينا عبد الفتاح 9 يوليو 2015 | 9:35 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 3 فى طبيعة الحياة أمور مسلم بها لاتقبل التأويل أو التبديل، وإن إتحد على تغييرها الجميع ،أوإدعى البعض عكس مايخالف الواقع ، فالأرض كروية والماء أصل كل حياة والشمس تأتى من المشرق للمغرب كظواهر كونية ، والمحليات ليس فيها رجاء ولا نفع، و90 % من الساعون لمجلس الشعب يبحثون عن وجاهة اجتماعية، ونحن لانتعلم من أخطائنا ونحن لانتعلم من أخطائنا ونحن لانتعلم من أخطائنا “مرارا وتكرارا”، كظواهر مصرية. تابع الجميع منذ أيام قليلة حادثة الإغتيال الغاشمة للمستشار هشام بركات النائب العام ، كأول مسئول حكومي يُغتال منذ سنوات ،عَبر استهداف موكبه بعبوات ناسفة بشارع عمار بن ياسر بمصر الجديدة ، والذى بالصدفة أسكن فيه أنا أيضا ، وذلك قبل ساعات من الإحتفال بالذكرى الثانية لثورة 30 يونيو التى أطاحت بجماعة الإخوان بعيدًا عن حكم مصر. هذه الواقعة وبدون مقدمات ، إن كانت فى حاجة إلى “رثاء” شارك فيه معظم المصريون ، فإنها فى حاجة أكثر إلى إدارة أزمة الحدث وتوابعه بقوة وحسم ، والإعتراف بواقعية وأخطاء الحادث ، وإتخاذ إجراءات من شأنها استيعاب هذه الدولة التى تأن يوميا فى كل شارع ، ويرغب من يريد بها السوء إهلاكها ، وسحبها إلى دائرة الإرهاب الذى وقعت فيها أعتى الدول ، هذه هى الإجراءات التى يجب أن تتخذ وليس الإنسياق وراء دعوات سخيفة من منطق فرض الطوارئ لتدمير الاقتصاد ، واتخاذ إجراءات من طبيعة”الطلقات السريعة “التى لاتفرق بين صالح أوطالح . فالحدث أكبر بكثير مما نظن بأنه حادث عارض سيعبر كغيره إلى بر الأمان ، بل له مدلولات وقراءات عديدة يجب أن نضعها فى الحسبان ، أولها التطور النوعي الذي تشهده الأن العمليات الإرهابية فى مصر والذى لم يقابله للأسف تغيير فى الأنظمة الأمنية المتبعة ، وأيضا أزمة التصدير للعالم . إن ملف الإرهاب أصبح هو المسيطر على المشروع السياسي فى مصر برمته والذي خرج من ثورة 30 يونيو وهو مايضر بالاقتصاد المصري وزحزحة استقراره الذى شهده خلال الفترة الماضية . وبوسعى التأكيد أن هذه العمليات ستتكرر خلال الفترة الماضية ، ليس بمنطق التخمين ولا حتى وعيد بعض الجماعات ، وإنما بمنطق “النهايات المفتوحة ” التى تسيطر على معظم القضايا والملفات المصيرية فى مصر ، لأننا إذا طرحناها فى شكل أسئلة لن نجد لها إجابات قاطعة ، تصدر من أيا ما كان فى موقع المسئولية. ماهو مصير قيادات الإخوان المسلمين الموجودين فى السجون،والذين بالفعل أخذوا أحكام ؟ وهل هناك نية للمصالحة ؟ ماهو توقيت انعقاد انتخابات مجلس الشعب المقبلة ؟ هل تؤمن القيادة السياسية فى مصر بالتعددية الحزبية ؟ والسؤال الأهم هل تملك الأحزاب المصرية القدرة الفنية والمالية على المشاركة بالحياه السياسية فى مصر ؟ ماهى مبادرات الدولة الفعلية لإستيعاب الشباب المصري الذى لايملك الثقة دائما فى الأنظمة الحاكمة لأنه يرى نفسه دائما خارج المعادلة ؟ ماهو مصير 50 % فقط من مذكرات التفاهم التى وقعت على هامش القمة الاقتصادية ؟ ماهى خطوات الدولة للقضاء على الفساد والروتين وكافة أشكال ” السوس” الذى أسقط أساسات هذه الدولة لعقود طويلة ؟ وماهى خريطة التوازنات التى تتبناها الدولة فى هذه المرحلة سواء على المستوى المحلى أو الدولى ؟ من هم الأعداء الحقيقين للدولة المصرية فى التوقيت الحالي ؟ وهل نحن فى حرب مفتوحة مستدرجين إليها أو مجبرين على خوضها مع كافة التنظيمات أمثال داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس والإخوان ؟ وهل هم يخرجون من مشكاة واحدة ؟ والسؤال الأهم ماهو المشروع الثقافي والإجتماعى الذي تتبناه الدولة فى هذه المرحلة بكافة مؤسساتها السيادية والدينية والخدمية ، ليكون أحد العناوين العريضة التى تتصدر المشهد فى مصر لتشكل حماية لمقدرات هذا الوطن وليس نظام حكم معين ؟ هذه هي المعطيات ومدخلات المعادلة التى توجد فى مصر والتى يجب أن نتعامل معها حتى نحصل على نتائج سواء كانت سلبية أو إيجابية ، خاصة وأننا معترفون بها دون توجيه إتهام أوإدانة ، وتركها من باب الاستغناء والاستعلاء، أو توجيهها من خلال الإعلام الذى في مجمله لازال يتحدث بلغة المصالح ، فالسياسة لاتعترف سوى بالفاعلين الذين يملكون القدرة على الفعل ورد الفعل ، ولديهم القدرة على إنتاج وترويج مشروع معد سلفا يشكل وعي الجماهير ويحشدهم فى عملية صنع القرار داخل أروقة الدولة بكافة مؤسساتها وأجهزتها وصولا إلى منظمات المجتمع المدنى . ومما لاشك فيه أن أي تغير في هذه المعادلة ، لن يكون له بالغ الأثر على النسبة الأكبر من المجتمع الذى نشأ على أساسات هشة ومغلوطة لعقود طويلة متعلقة بالدين وممارسة حرياته ، وعاداته التى يمارسها يوميا “كل فى مكانه”، حسب تخصصه وموقعه وخلفيته التى خرج بها من هذا الواقع حتى ولو تبدل ، حتى أننى على يقين “مجازي ” بأن قول الله تعالى” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” نزل فينا نحن معشر المصريين كأول القوم فى القائمة وليس أخرهم . وفى منطق الإدارة الصحيحة ،تضع إدارات الدول يدها على طبائع وعادات شعوبها حتى تستطيع أن تحقق نجاحات ملموسة على أرض الواقع خاصة فى أوقات الأزمات ، من خلال توظيف مايفيد فيها ومحاولة تطويع وترويض السيء منها ، من خلال أفكار مبتكرة وليست تقليدية تصلح أن تكون تجربة مصرية ناجحة ، ومحاولة تغيير الثقافة التى زرعت فى قلوب المصرين لعقود طويلة ، فلابد من وسائل وطرق لحصوله، فالتغيير لا يحصل بالتمني، بل من خلال الإرادة والعزيمة والعمل الجاد . وإن كانت الدولة المصرية تعمل حاليا على عدد من المشروعات التنموية لتطوير ونهضة الاقتصاد ، فهى فى أمس الحاجة لمشروع ثقافى قومي يعيد تشكيل العقلية المصرية على أسس واضحة تؤكد العقيدة الدينية الصحيحة لدحر الإرهاب المتنامي وأيضا تأكيد العقيدة الوطنية بشفافية وعلم وليس من خلال الأغانى الوطنية التي أصبحت للأسف تجارة رخيصة يجب القائها من على حافة جبل . والإداة التى تستخدم فى التوقيت الحالي هى الإعلام المصري المتخصص فى تصدير المشاكل وليس البحث عن حلول لها ، وإرباك العقلية المصرية بالشك والتشكك فى كل ماحوله لقتل الثقة أحيانا من خلال ضوضاء الواقع ، أو حتى قتلها من خلال الوهم ، فمن منا لم يعش بوهم الدول المتقدمة التى هى شغلها الشاغل هو قتلنا وإبادتنا وإنهاء ماتبقى من ” فكة ” حضارتنا القديمة حتى ولو جزئيا ، وبالتالى لن تقوم لنا قائمة ، وبالتالى يجب أن نجلس على “الكنبة” نشاهد مسرحية تسخر من واقعنا ونحن نردد الجملة الشهيرة المنتسبة خطئا للزعيم سعد زغلول “مافيش فايدة “. فإن كانت إدارات الدول المتقدمة تعمل على إنهاك قوانا وهذا جزء أصيل من اللعبة السياسية لا أنكره ، إلا أن شغلها الشاعل هو توظيف شعوبها “التى لاتخطر ببالها أصلا نحن دول العالم الثالث” ، بالبحوث العلمية والطبية لإخراج أفضل مافيهم لخدمة الوطن والبشرية ، ولخوض معركة التفوق العلمى التى تتصارع فيها معظم دول العالم التى تملك عقلية رقمية وليست تاريخية. ولعل قراءة تاريخ محمد على مؤسس مصر الحديثة فى إدارة الدولة من باب مراجعة التاريخ وليس التجمد عند قراءته ، خير دليل على فهم طبيعة المصريين بأنهم قادرين إذا منحو الفرصة ، فالرجل فطن بتميز مصر بالكثافة السكانية، اللازمة لإقامة نهضة اقتصادية وتأسيس جيش قوى، وعلى مستوى الثقافة استمر الأزهر حتى فى عصور الضعف العثمانى منارة للثقافة العربية الاسلامية، فالنهضة الثقافية فى عصر محمد على لم تأتى من فراغ ، وإنما كانت وليدة تراث طويل لعبته مصر فى تاريخ الإسلام . وبالتالي تجمعت عوامل عبقرية المكان الموقع، الثروة، البشر، لترسم صورة مصر المستقبل، وكان محمد على عندما تولى ولاية مصر مدركًا تمامًا أنه لم يتولَّ أمر ولاية عادية، فمصر كانت من أهم وأخطر الولايات فى الدولة العثمانية ، حتى أنه مع معارضة المصريين فى البداية تجنيد أبناءهم فى الجيش وقاوموا ذلك بالشغب والمظاهرات ، إلا أنهم فى النهاية رضخوا لذلك بحب وليس بالإجبار عندما رأو أولادهم يعودون إليهم وهم شخصيات أخرى على المستوى الثقافى والجسدى وأيضا الشكل المهندم الذى بدا عليهم. هذه التجربة وغيرها تؤكد فطنة إدارة الدولة فى مرحلة كانت أخطر مما نحن فيه حاليا على كافة المستويات دون خوض فى التاريخ ، كانت تنبع من نبض المكان وعاداته وتقاليده ومحاولة تغييرها بكفاءة واحترافية ، وإن كانت لم تخلو من العنف فى حادثة ” مذبحة المماليك ، والتى نحتاج أن نكررها اليوم لكن على مناهج التعليم والرشوة والفساد الإداري ، والقوانين البالية التى تعيق كافة أشكال التحرك الإيجابى نحو إنجاز العدالة الحقيقية أو نحو التنمية الاقتصادية المستهدفة. والقارئ للواقع المصرى فى التوقيت الحالى يدرك مدى الأزمة على المستوى الإجتماعى، الذى أصبحت تسيطر عليه العشوائية والأحادية فى الأفكار وفى ردود الأفعال على كل مايحدث نتيجة اقتناع البعض بأفكار مشوشة ، وأزمة على المستوى الإدارى نتيجة الروتين الذى مازال متوطن فى كل أجهزة الدولة والأيدى المرتعشة التى تخشى التوقيع وتمرير القرارات ، حتى إن أي مشروع يحتاج إلى ختم صلاحية” تحت رعاية رئيس الجمهورية “. فالمواطن هو المحور الذى تدور حوله دوائر صنع القرار ، وبالتالى هو الأهم فى هذه المنظومة ليس على مستوى توفير العيش الكريم وحسب ،وإنما توظيف طاقاته القصوى التى تآكلت نتيجة عوامل عديدة ، أبرزها هو إختلال منظومة العدالة برمتها ، بداية من العدالة اجتماعية ونهاية بالعدالة أمام القانون . الدولة تحتاج فى هذه المرحلة إلى مشروع ثقافى واجتماعى يقود التنمية ويعيد صياغة أهداف الدولة ويجدد الثقة في مستقبلها من خلال رؤى لمفكرين إصلاحيين وتيارات سياسية عديدة تساعد في تكوين العقل المصري الحديث ، لصناعة دولة متفوقة تدب فيها روح النشاط الشمولي عبر حركة مجتمع بأسره من أسفل إلى أعلى عبر نسيج متكامل من العلاقات الاقتصادية والسياسية والإجتماعية،يستدعى مختلف العادات والأفكار القديمة والجديدة لطرح رؤية جديدة تستوعب التغيرات التى تحدث على مستوى العالم وفى منطقة الشرق الأوسط تحديدا والتى تشهد حالة من التغير الثقافى والاجتماعى تتوارى فيها مفاهيم القومية وتيرز منها مفاهيم العصبية والقبلية . المشروع الحضارى لمصر هو الطريق لدحر الإرهاب من خلال استراتيجية تتبنى الصورة الكاملة للمجتمع لإخراج أفضل مافيه ، والذى يمثل خط الدفاع الأول والأخير أمام أية تحديات ،ويعد اللبنة الأساسية لبناء هرم المستقبل الذى يستوعب الأحياء وليس الأموات ! . رحم الله شهداء الوطن .. وأنعم علينا فى هذا الشهر الكريم بصلاح الراعي والرعية . اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/kgwx