تكنولوجيا واتصالات نحليل .. “تكنولوجيا المعلومات فى مصر” غياب معرفي..ورؤية مشوشة ..وسير عكس الاتجاه بواسطة نيرة عيد 13 يونيو 2015 | 2:00 م كتب نيرة عيد 13 يونيو 2015 | 2:00 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 0 مصر في المرتبة الـ135 في تضمين الحكومة للخدمات التكنولوجية عثمان: القصور في فهم “الأدوات” تسبب في إحداث فجوة في تطبيق التكنولوجيا الجريتلي: الدولة ركزت على الاتصالات والتعهيد وتغافلت عن “البرمجيات”.. والتعليم المصري لا يهتم بتوطين التكنولوجيا خالد اسماعيل : التخصص هو الضامن الحقيقي لخلق تأثير في قطاع تكنولوجيا المعلومات على مستوى الشركات مع التطور التكنولوجي في العالم، تتوجه الصناعة نحو مزيد من توطين الخدمات على حساب الاستثمار في البنية التحتية من الأجهزة والماكينات، التى طالما تشهد تراجع في قدراتها الوظيفية من ناحية وتثبت أنها استثمار غير مجد من ناحية أخرى. وتثبت الدراسات العالمية أن حجم الاستثمارات في تكنولوجيا المعلومات عالميًا حوالي 2 تريليون دولار، تتوزع 77% منها بواقع 1.5 تريليون دولار على الاستثمار في البرمجيات وخدمات الدعم الفني، بينما يتم انفاق أقل من 23% حوالي 500 مليار دولار على الاستثمار في البنية التحتية من الأجهزة الصلبة، وترجع الدراسات العالمية التوجه نحو خفض الاستثمارات في “الأدوات الصلبة” إلى عدم جدواها الاستثمارية على المدى الطويل مقارنة بالاعتماد على الأدوات التكنولوجية الأخرى من البرمجيات والخدمات القابلة للتطوير بشكل أسرع والقولبة على حسب احتياج المستثمر. “الآية المعكوسة في مصر” وعلى عكس تلك الدراسات المشار إليها سابقًا تأتي توزيعة الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات في مصر “معكوسة تمامًا” حيث يظهر إجمالي الإنفاق على خدمات التكنولوجيا في مصر حوالي 20 مليار جنيه سنويًا، يركز 85% منها “حوالي 17 مليار جنيه” على البنية التحتية من الأجهزة والسيرفرات “الخوادم” بينما تتوزع الـ15% المتبقية 7% “حوالي مليار جنيه” على البرمجيات و8% “حوالي ملياري جنيه” على الخدمات والدعم الفني لتلك الخدمات. وبينما تؤكد القطاعات الاقتصادية المختلفة على توجهها نحو مزيد من تضمين خدمات تكنولوجيا المعلومات في مؤسساتها، مازالت تلك المؤسسات تفتقد إلى التعريف المقصود به “التكنولوجيا” في حد ذاتها، وهو ما يمثل في الأساس مهمة العاملين بالقطاع الأكثر تطورًا في العالم والذي يواجه تباطؤ واضح في مصر نتيجة عدم فهمه في الأساس سواء من قبل المستفيدين أو حتى العاملين به. ويرى الدكتور حسام عثمان الرئيس التنفيذي لمركز اعتماد وتقييم هندسة البرمجيات التابع لوزارة الاتصالات، أن الابتعاد عن التوجه العالمي يرجع إلى قصور في الرؤية الخاصة بالقطاعات المختلفة عن صناعة التكنولوجيا، سواء من قبل الشركات العاملة بها، أو المؤسسات المستفيدة من تلك الخدمات. “التكنولوجيا في مصر في نظر الكثيرين هي معامل الحاسب الآلي وعدد الأجهزة” كما يؤكد الدكتور حسام عثمان، مشددًا على أن التوجه العالمي يسير على العكس تمامًا، حيث ينظر الاتجاه العالمي نحو مزيد من اللامركزية في الأدوات التكنولوجية، والانفاق الاستثماري على البنية التحتية من “السوفت وير والبرمجيات” بينما في مصر تتراجع تلك النسبة بوضوح. عدم وضوح في الرؤية إذا كانت مسئولية التعريف بقطاع تكنولوجيا المعلومات تقع على عاتق العاملين بها، فإن الأزمة الكبرى تتمثل في عدم وعي هؤلاء بالتعريفات الأساسية أو التوجه العالمي في خدمات الاتصالات الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالتركيز على التخصصات الفرعية والتى تحقق ميزتين أساستين هما القدرة على الإبداع، وخلق احتياجات جديدة للسوق وإشباعها وفق النظرية الاقتصادية القديمة التى تشدد على أن خلق احتياجًا جديدًا في السوق وإشباعه هو من أنجح الوسائل للاستمرار وتحقيق الأرباح. وفق بيانات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يبلغ عدد الشركات العاملة في السوق حوالي 6 آلاف شركة مسجل منها 25% فقط في “هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ايتيدا” حوالي 1414 شركة، تفتقر الشركات إلى التعريف الحقيقي لتخصص كل منها حيث تشير “ايتيدا” أن 46% من قاعدة بياناتها هم وكلاء لعلامات تجارية كبرى، بينما 59% من الشركات مطورون لصالح الغير، و48% من شركات تكنولوجيا المعلومات المصرية متخصصة في تطوير براءات اختراع وحقوق ملكية فكرية للبرمجيات، و23% مستشارين في قطاع التكنولوجيا، و25% متخصصين في التدريب، و11% في خدمات الاتصالات. مجموع تلك النسب أكثر من 210% حيث تعمل كل شركة في أكثر من تخصص واحد، بينما تأتي مصر في ذيل التقارير الدولية حول إنتاج خدمات تكنولوجيا المعلومات، وبالتالي فإن الحلقة المفقودة في صناعة البرمجيات المصرية لا بد أنها تتعلق في الأساس بمفهوم شركات التكنولوجيا المصرية عن “التكنولوجيا”. ويقول الدكتور خالد اسماعيل رئيس مجلس إدارة صندوق كيه آي انجلز للاستثمار الملائكي ومؤسس شركة سيسد سوفت التى استحوذت عليها انتل عام 2011 أن التخصص هو الضامن الحقيقي لخلق تأثير في قطاع تكنولوجيا المعلومات على مستوى الشركات ، مرجعًا التأخر في قدرة شركات البرمجيات المصرية على المنافسة العالمية إلى تشتتها الواضح بين القطاعات المختلفة، وابتعادها عن السوق العالمية فيما يتعلق بالتوجهات الحديثة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهو ما ينعكس بالتالي على السوق بصفة عامة لتشهد حالة من التراجع التكنولوجي. ولفت إلى تجربته في صناعة تكنولوجيا المعلومات التى نتج عنها استحواذ واحدة من أكبر الشركات التكنولوجية في العالم على “سيسد سوفت” المملوكة له في 2011 ، نظرًا لتركيزها على العاملين الأساسيين وهما التركيز على جزء صغير جدًا في التكنولوجيا الخاصة بتطوير الاعتماد على الجيل الرابع LTE على المعالجات، بينما عملت على النظر في التوجهات المستقبلية للعالم ، المرتكزة على زيادة الاعتماد على الانترنت من خلال المحمول حيث جمعت بين النظرة المستقبلية والتخصص، بما لفت نظر العالم لها. ويعتقد أن المساحة التى يتيحها قطاع تكنولوجيا المعلومات للشركات العاملة به تفرض عليها في وقت الاندماج مع كيان أكبر لتنفيذ مشروعاتها من خلال ذراع جديد يسمح تطبيق التكنولوجيا الجديدة في إطار عملي معتبرًا خطوة بيع سيسد سوفت “طبيعية” بعد ما توصلت إليه في البحث والتطوير خاصة بعد ما حققته من خطوات واسعة في تطوير برمجيات “ذكية” تحتاج إلى كيان أكبر للاستفادة بها ونشرها على المستوى العالمي. انعكاس الأزمة عالميًا في تقريره عن عام 2015 والصادر مؤخرًا ، يشير المنتدى الاقتصادي العالمي في مؤشر الدول الخاص بقياس مدى انتشار الخدمات التكنولوجية والاعتماد عليها كرافد اقتصادي هام، أن الرؤية المصرية عن تكنولوجيا المعلومات “مشوشة جدًا” حيث جاءت في المرتبة الـ94 عالميًا من حيث قدرتها على الاستفادة بالخدمات التكنولوجية. وأوضح التقرير أن الإمارات العربية المتحدة تأتي في مقدمة الدول العربية المستخدمة لخدمات تكنولوجيا المعلومات وفي المرتبة الـ23 عالميًا، تليها قطر والبحرين والسعودية، ثم عمان، الأردن والكويت والمغرب وتونس. كما جاءت مصر في المرتبة الـ 125 من إجمالي 131 دولة في الاعتماد على أدوات تكنولوجيا المعلومات في تطوير قطاعات الأعمال المختلفة في الدولة، وهو ما اعتبره بعض العاملين في القطاع سببًا لتوجه الشركات المصرية ، نحو مزيد من تطوير البرمجيات والخدمات وتصديرها للخارج لمحاولة جذب مزيد من الاستثمارات ، حيث بلغت إجمالي الصادرات المصرية من البرمجيات والتعهيد والقيمة المضافة بنهاية العام الماضي حوالي 11 مليار جنيه، وبالتالي فإن الاعتماد على تصدير تلك الخدمات من شأنه أن يفتح المجال أمام الشركات المصرية لتوفير معدلات سيولة مقبولة تعوض الاحجام الداخلي عن الاستثمار في التكنولوجيا. بينما يرجع المهندس حسين الجريتلي الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا” التراجع في مكانة مصر العالمية في استخدام تكنولوجيا المعلومات، وتذيلها للمؤشرات العالمية للصناعة وتوطين التكنولوجيا ، إلى ضعف من جانبي، المنتج المصري، والسوق الاستهلاكية فيما يتعلق بسلعة تكنولوجيا المعلومات مبررًا ذلك بأن نوعية التعليم المصري لا تهتم في الأساس بتوطين التكنولوجيا، أو إنتاج عقول تتعامل مع التكنولوجيا على المستوى المطلوب. واستطرد ” الاستراتيجية الموضوعة لتطوير صناعة الاتصالات والتكنولوجيا في 2013 لم تتضمن طرق تطوير السوق المحلية من البرمجيات ،سواء من حيث التصنيع أو التسويق أو توطين التكنولوجيا” ، مؤكدًا على أن مصر ركزت خلال الفترة الماضية بشكل واضح على الاتصالات وصناعة التعهيد دون التركيز على مجال البرمجيات كوسيلة لتحقيق طفرة في الاقتصاد المصري. وركز على أن موقعه كمتخذ قرار في الجهاز الحكومي يستوجب توجهًا مغايرًا لتلافي تلك العيوب، سواء من ناحية وضع استراتيجية لتطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات في مصر أو من جانب تدريب وتطوير الشركات العاملة في قطاع البرمجيات، أوحتى على جانب تسويق منتجات تلك الشركات بالتعاون مع بيوت خبرة عالمية. أكد على توجه ايتيدا من خلال الاستراتيجية المزمع وضعها خلال العام الجاري ، على “التشبيك” مع قطاعات الدولة اﻷخرى سواء لتطوير خدمات تكنولوجيا المعلومات مثل تطوير مناهج مختصة في الجامعات والمدارس لخلق جيل من المطورين أو لتعميم خدمات التكنولوجيا من خلال تطبيقها في منظمات اﻷعمال والقطاع الحكومي. الإرادة السياسية “لا تكفي” تتجه الإرادة السياسية في الدولة نحو الاعتماد على أدوات تكنولوجيا المعلومات كوسيلة لمواجهة الفساد المتوغل في مؤسسات الدولة المختلفة، غير أن تلك الإرادة السياسية وإن كانت سببًا هامًا للتحول نحو الاعتماد على البرمجيات الحديثة في الفترة المقبلة، مازالت الثقافة الحكومية والعقلية المصرية تحتاج لمزيد من الجهد قبل التحول نحو توطين التكنولوجيا. وبدأت الدولة في اتخاذ بعض الخطوات وإن كانت تتم على استحياء في تبني “بعض” أدوات التكنولوجيا لمحاربة الفساد من خلال بدء تطبيق أدوات الشمول المالي والتحصيل الإلكتروني لبعض الخدمات الحكومية، وتوجه الحكومة نحو تعميم منظومة جديدة للمدفوعات الحكومية وغيرها، غير أن تلك الخدمات مازالت تتم ببطئ وتبتعد بقوة عن الشارع ويقتصر تأثيرها في حدود المربع الصغير المحيط بها. والدليل على ابتعاد مصر عن خدمات تكنولوجيا المعلومات التقرير الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي الذي تأتي فيه مصر في المرتبة رقم 135 من ضمن 143 دولة في الاعتماد الحكومي على خدمات التكنولوجيا . أوضح التقرير إلى أن تسخير تكنولوجيا المعلومات يتعلق بالقدرة على الاستفادة من الأدوات التكنولوجية مشيرًا إلى أن معايير القياس تتعلق ببئية العمل والتشريعات الحاكمة لتكنولوجيا المعلومات، وتمكين المؤسسات الحكومية من العمل بالأدوات التكنولوجية، والاعتماد على الأدوات التكنولوجية على مستوى الأفراد ومؤسسات الأعمال بالقطاع الخاص بالإضافة إلى التأثير المجتمعي للتكنولوجيا. تكنولوجيات لم نسمع عنها.. المهتمون بقطاع تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات في العالم يعرفون حق المعرفة أن التوجه العالمي لم يعد يركز على تضمين برامج الـoffice على بعض الأجهزة الحكومية، ويدركون أن التطور لا يقاس بعدد أجهزة الحاسب الآلي في الوزارات أو عدد معامل الحاسب الآلي في المدارس، التطور التكنولوجي دخل في مراحل تنبئ بتحول 180 درجة في فهم الحياة عالميًا، فوفق الدراسات التى أعدتها مؤسسة الأبحاث العالمية جارتنر يتجه العالم خلال الأعوام الخمسة من 2013- 2018 إلى التركيز على تكنولوجيات أساسية هي “الـmobility” وبالتالي تفعيل معظم الخدمات الخاصة بالحكومة والأفراد والبيع والشراء والدفع وغيرها من خلال تطبيقات المحمول وهو مجال لم يدخل مصر إلا على استحياء من خلال بعض التطبيقات الفردية أو المبادرات التى لا تتعدى الآف المستخدمين في تطوير تطبيقات خاصة بتلك الخدمات. هذا بالإضافة إلى التوجه العالمي نحو مزيد من الاعتماد على البيانات العملاقة وتوظيفها في إدارة المدن Smart Cities من خلال الاعتماد على انترنت الأشياء Internet Of Things، تلك الخدمات التى توقعت الدراسات العالمية أن تنفق الحكومات في منطقة الشرق الأوسط على تطويرها أكثر من 60 مليار دولار بحلول عام 2018، على الأخص لتطوير المرافق والخدمات العامة مثل خدمات النقل والتأمين الصحي وإدارة مرافق الكهرباء والطاقة والمياه، وهو ما يمثل في الوقت نفسه فرصة لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية لتطوير حلول تتوافق مع هذه التوجهات وتصديرها لدول الجوار مثل السعودية والامارات اللتان تقعان على قمة لائحة الدول المتوقع أن تنفق مليارات الدولارات على المدن الذكية، ويمثل تحديًا في ذات الوقت للحكومة المصرية في سبيل البدء اللحاق بالتطور العالمي وتضمين خدمات التكنولوجيا الحديثة. وبالتالي فإن مصر تواجه عدد من التحديات بداية القدرة على إدراك موقعها العالمي من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات العالمية، كما تمثل قدرة الشركات المصرية على فهم نوعية الخدمات المطلوبة، والتركيز على تخصصات بعينها واحدة من أهم النقاط التى يجب معالجتها لضمان تحقيق حصة مقبولة من التطور التكنولوجي، ومن الإنفاق العالمي مقابل الحصول على البرمجيات والسوفت وير، والقدرة على إدراك أن الخدمات هي الأهم في الفترة الحالية في مقابل تكديس الأجهزة والمعامل. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/mwja