دينا عبد الفتاح شراكة من أجل التنمية والعدالة ! بواسطة دينا عبد الفتاح 9 مايو 2015 | 2:31 م كتب دينا عبد الفتاح 9 مايو 2015 | 2:31 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 1 أيقن الاقتصادي الإنجليزى “جون مينارد كينز” أن أزمة الكساد العظيم فى (1929 – 1932) ، لن تمر بسلام علي الاقتصاد الأمريكي، فأطلق كتاباته للمطالبة بضرورة أن يكون للدولة دوراً هاماً في النشاط الاقتصادي بعد أن كانت بعيدة تماماً عن كل تفاعلات الساحة الإقتصادية وتعتمد علي قوي العرض والطلب الحر في إحداث التوازن، كما نادي كينز أن يكون هذا الدور هو دور مكمل لدور القطاع الخاص وليس بديلاً له، وذلك علي العكس مما نادي به أبو الاقتصاديين “آدم سميث” الذى طالب بفصل الدولة بصفة تامة عن النشاط الاقتصادي، ومن بعد هذا النداء “الكنزي” ظهرت فكرة الشراكة والتكامل بين الدولة وممثلي القطاع الخاص. وأصبح إحداث التناغم بين أداء كلا الطرفين هو الهدف الرئيسى لأي اقتصاد بحيث تهييء الدولة المناخ الاقتصادي ليستثمر رجال القطاع الخاص، وتوفر الدولة الظروف المواتية للإنتاج والعمل وتصون كافة ضمانات سريان النشاط التجاري. ومن ثم ذابت الأفكار الاشتراكية في بحور كفاءة القطاع الخاص، وتخلي العالم عن الرأسمالية المتوحشة حفاظاً علي الفئات الفقيرة والمهمشة وضماناً لتحقيق أي من مستويات العدل الاجتماعي، ومن هنا استقر العالم علي فكرة “النظام الاقتصادي المختلط” الذي يعتمد بصفة أساسية علي دور القطاع الخاص كما أنه لا يتخلي عن دور الدولة. وبالنظر إلي كافة الاقتصاديات العالمية المتقدمة، وبخاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، تجد أن هناك صيانة تامة لفكرة الشراكة والتناغم بين الدولة ممثلة في كل مؤسساتها ورجال القطاع الخاص ممثلين في كافة المؤسسات الإنتاجية والخدمية في الاقتصاد، وأن هذا التناغم وهذه الشراكة لا تختزل في شكل شراكة استثمارية عبر أي من الأنماط المعروفة وإنما هي في صورة ورقة عمل مشتركة تحدد فيها أهداف واحدة بينما تختلف الأدوار بين الدولة والقطاع الخاص كل في نطاق اختصاصه لتكون الغاية في النهاية “شراكة من أجل التنمية!”. فالصين الشعبية ذات التوجه الاشتراكي القديم تخلت تماما عن فكرة تملك الدولة وتحكمها بالنشاط الاقتصادي نزولاً علي فكرة “الشراكة التنموية” بين الحكومة والقطاع الخاص وباتت تؤمن بأن يد القطاع الخاص أكثر كفاءة حتي وإن كانت يد الدولة أكثر صدقاً وأمانة!! وكذا النموذج التنموي التركي الذي زرع رجال القطاع الخاص في كل مواطن الإدارة بداخل الدولة ليشاركوا الحكومة إتخاذ القرار ويضمنوا أن خطط الحكومة وتوجهاتها ستصب في صالح أفكارهم الاستثمارية التي ستترجم إلي معدلات نمو مرتفعة تنهض بالفقير وتؤمن حياة الغني. وعند النظر بدقة إلى الاقتصاد المصرى ، نرى أن الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص أخذت منحنيات وطرق مختلفة خلال الفترة الماضية وصلت وفقاً لأراء الخبراء والاكاديميين إلى حوالى 35 نوع من أنواع الشراكة ، إلا أنها افتقدت إلى الجزء الهام وهو الحوار المجتمعى والمؤسسى البناء القادر على توطيد قاعدة صلبة تحكم الطرفين وفقاً لمبادىء رئيسية لاتتغير ، بدايتها توفير عنصر الإتاحة لجذب الاستثمار ونهايتها الوصول إلى نتائج تنموية لصالح كافة فئات المجتمع وليست لخدمة إطار معين أو فئة محددة من المجتمع . وتظل أزمة الاقتصاد المصري الكبرى، عدم امتلاكه ثوابت على المستويين الإدارى أو التنفيذي فى التعامل مع القطاع الخاص ، لأنه وفجأة أصبح جزء من قواعد لعبة سياسية متغيرة لم يكن جاهزا لها بالتأكيد خلال الأربع سنوات الماضية وأيضا مروره خلال عقود مضت بحقبة طويلة من الثبات “الممل”على مستوى القيادة السياسية ، أو حتى الحكومات المتعاقبة والتى وإن تبدلت فيها الوجوه يبقى الأسلوب والفكر المتردد يخرج من مشكاة واحدة! هذه الاشكالية صنعت من الاقتصاد المصري ،آلة تشبة “الآلة الإعلامية”، تتحدث للمجتمع بأقوال لاتحقق ، ومؤشرات تنموية لا يمثل أياً منها على أرض الواقع ، فى اتجاهات تضليلية لأنظمة سياسية رغبت فى البقاء والاستمرار فى السلطة ، بمركزية القرار وبسلطة قامعة ترى المصلحة من منطق القوة وليس الحوار ، وبالمخالفة لواقع يثبت أن الدولة غير قادرة بمفردها على تحقيق التنمية فى ظل افتقارها إلى مجموعة من القدرات البشرية والمؤهلات المالية ، وضروريات تشير إلى أن التفكير العام لإقتصاديات الدول النامية ، أصبح منفتحاً على قبول بل وتشجيع تنامى دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية . وقد فرضت ما أعلنته الحكومة في القمة الاقتصادية عن شكل جديد للشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ مخططات ومشروعات الدولة التنموية، ضرورة إجراء حوار بناء بين كافة أطراف اللاعبين الرئيسيين في هذه المنظومة بما تضم من شركات ومؤسسات ومنظمات إقتصادية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات الإعلام التي تخاطب الرأي العام، بهدف تحديد أشكال وأنواع ومفهوم هذه الشراكة وكيفية الاستفادة منها، في ظل الأدوار المتنامية لمؤسسات القطاع الخاص ودورها في التنمية الوطنية، أو دورها في تشكيل المستقبل الاقتصادي عبر العالم . ولايخفى على أحد أن الدولة تسعى الأن لتنفيذ رؤية كاملة أعلنت عنها في القمة الاقتصادية لـ 15 عاما كاملة تبدأ في أول يوليو 2015 وتنتهي في 30 يونيو 2030 تحت اسم “رؤية مصر 2030″، تعتمد على القطاع الخاص في تنفيذ الجزء الأكبر منها ، فالقطاع الخاص بشقيه الوطني والأجنبي مكلف بقيادة عجلة التنمية وتنفيذ حوالى %85 من إجمالى الاستثمارات التى تتبناها الحكومة ومن ثم فسيكون القطاع الخاص هو اللاعب الرئيسي في معدلات التوظيف والإنتاج خلال الفترة المقبلة وما سيترتب عليه من نمو في الناتج المحلي الإجمالي التي تخطط الحكومة لبلوغه حاجز الـ 7% خلال السنوات الخمس المقبلة علي أن يكون هذا النمو نمواً شاملاً أي يشمل كل فئات المجتمع وكل المناطق الجغرافية وهذا هو المفهوم الأصوب لعدالة توزيع الفرص والعائد. كما أن القطاع الخاص سيؤثر بقوة خلال الفترة المقبلة علي قيم معدلات البطالة التي تدور حول 13% من إجمالي قوة العمل والتي تشير إلي وجود نحو 3.6 مليون عاطل في مصر 65% منهم من الشباب بين 20 – 35 سنة بما يبرهن علي خسارة الاقتصاد لهذه القوة الراكدة والغير مستغلة والقادرة بمفردها علي قيادة اقتصاد أمة صاعدة. وهنا يجب أن تقوم الدولة وبالتزامن مع توسيع التركيز علي القطاع الخاص بحماية المنافسة الكاملة بما يضمن عدالة توزيع الفرص بين مجتمع الأعمال وتضييق أطر الاستغلال والاحتكار من قبل المنتجين لجمهور المستهلكين. وهذه التحركات الرامية لتوسيع دور قطاع الأعمال الخاص ودمجه في خطط الدولة وإن كانت محمودة إلا أنها مهددة بالفشل أو الخروج عن مسارها إذا لم تسع الحكومة إلى تطوير نموذج عملي قابل للتطبيق لإشراك القطاع الخاص فى الأهداف التنموية للدولة ، والعمل المشترك لاستكشاف وسائل جديدة كليا ينتج عنها فوائد اقتصادية بهدف تحقيق التنمية المستدامة وهو ما يمكن أن ينتج عنه تحقيق تأثير اجتماعي واقتصادي أعظم من أي منهجيات تقليدية لتقديم المساعدات الخارجية والدعم المادى، و الذى وصل فقط مابعد الثلاثين من يونيو إلى حوالى 29 مليار دولار فى شكل مساعدات نقدية أو بترولية. فقطاعات عديدة فى السوق المصرية كالصناعات الصغيرة والمتوسطة والسياحة والزراعة والتمويل العقاري والدفع الإلكترونى والطاقة المتجددة وغيرها ، لا تزال قطاعات محدودة النشاط ومساهمتها محدودة في الناتج المحلي للدولة بسبب عدم اتخاذ خطوات كبيره في خلق البيئة الاستثمارية المناسبة لهذه القطاعات والبنية التحتية التي تتطلبها والأدوات المالية القادرة على دعمها. وفي اعتقادي بأن توفير الدعم اللازم للقطاع الخاص وإعداده ومساندته للدخول بهذه الأنشطة سيكون له انعكاس إيجابي في تلبيه الاحتياجات الأساسية لقطاعات مختلفة وتأمين احتياجات الأفراد بالإضافة إلى تعزيز صادرات الدولة ومنحها دفعة في كافة مؤشرات تقييم المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية التي تسعي دائماً إلي التركيز في الاقتصاديات النامية ومن بينها مصر علي توسيع دور القطاع الخاص علي حساب دور الدولة وذراعها الاستثماري الممثل في القطاع العام وذلك مع ضمان كافة السبل والأدوات القادرة علي تنظيم السوق الإنتاجي والاستهلاكي وصولاً إلي منتج أكثر رشداً ومستهلك أكثر نفعاً ومجتمع أكثر عدالة ! اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/1449