دينا عبد الفتاح ماهى إلا دعوة للبناء !! بواسطة دينا عبد الفتاح 18 مارس 2015 | 9:29 ص كتب دينا عبد الفتاح 18 مارس 2015 | 9:29 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 0 تحبس مصر أنفاسها خلال الساعات القليلة القادمة فى حالة أسميها “بالصمت الاقتصادى”،استعدادا لنتائج انطلاق قمة مارس ، التى سيثبت نجاحها أوإخفاقها أشياء كثيرة، أري انها ستكون نقاط فاصلة لمستقبل هذا الوطن . فالقمة الاقتصادية ليست الا جزء من كل ، لكنه جزء حاسم سيترتب عليه إما إنطلاقة اقتصادية حقيقية ،وإنفراجة طال إنتظارها منذ أكثر من أربعة سنوات، لتأتى بعده خطوات أخرى من شأنها استكمال مسيرة إصلاح الملف الاقتصادى . أو سيناريو سىء لانريده ولا نبشر به ، وهى أن لاتحقق “القمة” شيئا موضوعيا مما دعت اليه ، فالنجاح فى تحقيق 50 % من المستهدفات ليس فشلا بالتأكيد وانما هو الطبيعى فى ظل ظروف استثنائية على كافة الأصعدة نمر بها. فالحكومة تستهدف جذب استثمارات تتراوح بين 10 و 15 مليار دولار خلال عامين،بعد القمة الاقتصادية ، وهذه الارقام وان كانت صعبة لكنها أيضا مشروعة ومن الممكن تحقيقها اذا تعاملنا مع ” القمة الاقتصادية ” بنظرة عامة أكبر وأعمق من مجرد انعقاد مؤتمر اقتصادى كبير ومحورى بالنسبة لمصر، فلا شك أن هناك مجموعة محددة من المشروعات الضخمة سيتم عرضها على المستثمرين والشركات والدول فى المؤتمر، وستحظى بلا شك بإهتمام المشاركين. لكن إنعقاد المؤتمر ليس هدفاً فى حد ذاته بل رسالة إصلاح إلى العالم مفادها أن مصر تسير على الطريق الصحيح من خلال إلقاء الضوء على أخر مستجدات الإصلاح الإقتصادى بشكل عام ، علي أن تكون الصراحة والشفافية حاضرة أيضاً في تناول القضايا الاقتصادية للدولة . فالمستثمر ماهو الا قناص للصفقات ، ولديه العديد من الفرص فى كل دول العالم ، ولايتوقف تفضيله لدولة عن أخرى على التشريعات وفقط ،وإنما أيضا على عوامل البيئة الحكومية و المؤسسية واحترام التعاقدات التى تحيط بالاستثمارات ، ولاجدوى من الحوافز والإعفاءات الضريبية ما لم يتم إدخال إصلاحات جوهرية على هذه الجوانب. فالامر يتعلق في الأساس بإعادة تصميم منظومة الاستثمار بشكل كامل حتى تكون مستقرة وجاذبة وليس ترميمها،والدليل أننا دائما مانتعامل بالقطعة فى اجراءاتنا مع المستثمرين حسب الجنسيات وحسب حجم الاستثمار القادمين به ، وهذا خطأ كبير يضمن بالتأكيد عدم الاستمرارية وعدم تشكيل صورة متكاملة ومتزنة تُسوق للعالم الخارجى عن الاقتصاد المصرى . وتعد القمة الاقتصادية مفتاح الحل لخدمة هذا التوجه ، حيث اننا يجب ان نسمع للمشاركين فى القمة سواء من المستثمرين المحليين او الأجانب لإعداد وتصحيح الرؤية والسياسات الاستثمارية الجديدة،والقيام بالإصلاحات التشريعية والمؤسسية المطلوبة الداعمة لها . فأنا أظن ان قانون الاستثمار الموحد الذى خرج اخيرا من أدراج الحكومة سيحتاج الى وقت طويل للتنفيذ على أرض الواقع ، فنحن لن نجد بين ليلة وضحاها ، “الشباك الموحد” متواجد فى الأجهزة الادارية للدولة ولكن على الاغلب سيحتاج الى سنتين حتى يتم تعميمه فى ظل اكثر من 60 هيئة تمنح رخص للشركات لمزوالة النشاط . وفى ذات الوقت المشاركة الإقليمية والدولية الواسعة في مؤتمر شرم الشيخ تضمن قدراً أكبر من الجدية والتوازن، خاصة مع تأكيد البنك وصندوق النقد الدوليين حضورهما للمؤتمر فضلاً عن مشاركة واسعة من المؤسسات والشركات العالمية والعربية والخليجية بما يمثل تأكيداً على الاعتراف بأهمية الخطوات الجوهرية التى إتخذتها الحكومة مؤخراً في ملف الإصلاحات المالية والتشريعة الجاذبة للاستثمار ، وتدلل أن هذه الإصلاحات بدأت تؤدي إلى التحول الإيجابي ، وتحظى بالارتفاع في مستويات الثقة ورفع التصنيف الائتماني للدولة الذى يؤكد استقرار الأوضاع السياسية والأمنية، ويدعم ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري . وقد اجتهدت الحكومة المصرية خلال الفترة القصيرة الماضية من أجل توفير أقصي قدر ممكن من فرص النجاح لمؤتمر شرم الشيخ، بما في ذلك الاتجاه إلى إعادة الهيكلة والإصلاح وإطلاق المشروعات الكبرى،وتحرير عدد من القطاعات الاقتصادية المحورية، أبرزها البنية التحتية والسياحة والطاقة والتطوير العقاري، ومع الاستمرار في تنفيذ تلك الإصلاحات الاقتصادية، سيستمر التحسن في الآفاق المتوقعة للنمو وتوظيف العمالة واستقرار الاقتصاد الكلى . وبلغة المتفائلين يكفى أن الدولة فى هذه الظروف الصعبة ، تتحرك بإيجابية نحو تحسين الأوضاع ،حيث أنها لايمكنها الآن النظر للوراء ، أوالسماح بحدوث أى خلل فى أدائها نتاج الحوادث الإرهابية الرخيصة التي تكررت علي مدار الفترة الماضية ، فى محاولات لفصائل متطرفة لجذب انتباه العالم وتشكيل رأي عام دولي يقر بأن “مصر بلا أمن” . وأرى ان أهم الضمانات الواجب توافرها لإنجاح المؤتمر حتى “يؤتى ثماره” على أرض الواقع، تشكيل لجنة عليا لمتابعة قرارات المؤتمر ،وآليات تنفيذ خطط الحكومة الإصلاحية خلال المرحلة المقبلة ، فضلا عن صياغة رؤية طويلة المدي لحل الأزمات التي تعرقل التقدم الاستثماري والاقتصادي علي الأرض المصرية ، وفي مقدمة هذه الأزمات إشكالية الطاقة التي تعد فجوتها التسويقية المتسعة في مصر موطن تقييم سلبي من قبل المستثمرين المحليين قبل الأجانب حتي إشعار آخر . ومن دعائم نجاح هذا المؤتمر الاقتصادي الضخم .. أن يتوافر لدي الدولة أسس وسياسات تساهم في إعادة توزيع الدخل والثروة بين الفئات المجتمعية لصالح الطبقات الفقيرة والمهمشة ، فمصر المستقبل التي قامت بثورتين في أقل من 4 سنوات بات من غير المناسب أن تصب تنميتها في حصالات الأغنياء أو لا يأكل من خيرها الجوعي والمحرومون ، فمسألة العدل الاجتماعي باتت الضامن الأكبر لبقاء الأنظمة الحاكمة علي عروشها ، وكذا الضامن الأكبر لمضي خطط التنمية نحو تحقيق أهدافها دون حقد طبقي قد يفسد الأخضر واليابس! وعلينا أن نشكل في أذهاننا اعتقادا راسخا بأن لكل أمة ظروفها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، التي تحتم عليها صياغة “تجربة جديدة” خاصة بها، إذا نجحت فستدون إلي جانب النظريات الاقتصادية في المخطوطات الأكاديمية التي تدرس في الجامعات ، وإذا فشلت ستدون ضمن قائمة مصادر “الدروس المستفادة من الخطأ” التي لن يتم تداولها خارج دواوين الحكومة ، لذا علينا أن نجهز من الآن لتجربتنا الاقتصادية الجديدة التي تناسب ظروفنا وأن نتقن دراسة التجارب المحيطة للأمم الصاعدة حتي يمكننا استخلاص مواطن “النصيحة”. نقطة هامة أود الإشارة إليها أنه كان لابد من الترويج المتوازن للقمة الاقتصادية في داخل مصر ، فالقمة كما ذكرت جزء مهم من عملية التقدم والإصلاح ، وأهميتها الكبري كان من الواجب أن تروج للجمهور علي أن عائدها في الغالب بعيد المدي يتطلب مزيدا من الصبر علي السياسات الإصلاحية التي تقوم بها الحكومة الآن ، حتي نضمن أن الرأي العام في مصر لديه اعتقاد راسخ بأن عائد القمة سيحصده كل “مواطن” مصري في مدي متوسط أو بعيد بخلاف سياسة “المكسب السريع” الذي من الممكن أن يصنع “البهجة” ولكنه أبدا لا يصنع “التقدم”. وفكرة “المكسب السريع” هي الوجه الآخر لسياسة المسكنات التي تخفي المشاكل لبعض الوقت ثم تعاود إظهارها ، وكان هذا نهجا حكوميا متبعا في التعامل مع الاختلالات الهيكلية والمالية في اقتصاد الدولة منذ عقدين تقريبا، بما دفع لتفاقم الأزمات والتحديات وخاصة علي صعيد “البيئة الإدارية” المحيطة بالاستثمار ، والدين العام المستحق علي الدولة ، والعجز المالي السنوي في موازنتها بما دفع مصر في العقد الثاني من القرن الحادي وعشرين أن تبحث عن تنمية كانت أحق بها منذ قرون بعيدة!! فلنطلقها دعوة للبناء ورسالة عمل تدون بحروف من الكد والاجتهاد مستقبل شعب عظيم ، وتسجل في دواوين التاريخ تجربة أمة رائدة ، وتنسج من خيوط الحضارة تكنولوجيا الغد . اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/mc0w