بنوك ومؤسسات مالية تحليل: المعركة بين “المركزى” والسوق السوداء قد لا تكون الأخيرة بواسطة سيد بدر 8 فبراير 2015 | 8:13 ص كتب سيد بدر 8 فبراير 2015 | 8:13 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 0 أكثر من ثلاثة أسابيع هى عمر المعركة الأشرس بين البنك المركزى والسوق السوداء، منذ بدء أزمة سوق الصرف خلال السنوات الماضية، فقد خلالها الجنيه نحو 6.2% من قيمته مسجلًا 7.6301 جنيهًا بالبنوك مقابل 7.1801 جنيهًا قبل الأزمة، وربحت فيها السوق الموازية نحو 45 قرشًا لتصل إلى 7.95 جنيهًا قبل أن تهوى مقتربة من السعر الرسمى نتيجة الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى مؤخراً . المركزى يحسم المعركة لصالحه استغل المركزى فى حربه التطورات الاقتصادية العالمية التى تصب فى صالح الدولار، بالإضافة إلى التطورات الداخلية وتراجع السيولة الدولارية وارتفاع حجم الطلبات المعلقة، ليكسب المعركة ويحقق مكاسب مباشرة تتمثل فى تحجيم تعاملات السوق السوداء عبر تقليل الهامش بين السعر الرسمى وغير الرسمى وتحجيم الطلب على السوق السوداء قبل القمة الاقتصادية، وجذب أنظار المؤسسات الدولية لمصر وهى التى طالبت كثيرًا باتباع سياسة مرنة فى سوق الصرف المحلى ودعم الصادرات المصرية، بالإضافة إلى مكاسب غير مباشرة تتمثل فى تشجيع جذب رؤوس الأموال على الأجل الطويل . وجاءت بداية المعركة بين البنك المركزى والسوق السوداء نتيجة العديد من الأسباب أهمها الأزمة التى تشهدها الدولة فى السيولة الدولارية وارتفاع حجم الطلبات المعلقة وعدم قدرة البنوك على توفير كافة احتياجات المستوردين بعد وصول الاحتياطى النقدى من الدولار إلى 15,332 مليار دولار بنهاية 2014، واستمرار انخفاض الموارد المحلية من السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة وعدم دخول موارد عربية جديدة فى شكل ودائع أو مساعدات منذ عدة شهور، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى خلق طلب كبير على العملة وسط انخفاض فى المعروض . ويعد السبب الأخير هو الأبرز بينما تأتى أسباب أخرى تُعتبر مُكملة وهى تطورات الاقتصاد العالمى ونمو الاقتصاد الأمريكى الذى دفع كافة العملات للتراجع أمام الدولار، بالإضافة إلى تقرير صندوق النقد الدولى الأخير بشأن مصر عقب ختام مشاورات المادة الرابعة بضرورة اتباع سياسة أكثر مرونة فى سعر الصرف وجذب أنظار المستثمرين قبل قمة مارس . القرار الذى قضى على السوق السوداء خفض البنك المركزى الجنيه لأدنى نقطة وصل إليها منذ سنوات ليسجل الدولار 7.6301 جنيهًا بالبنوك، ثم جاء القرار الذى يعتبر بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، وهو تحديد حجم الإيداعات الدولارية فى البنوك لتصل إلى 10 آلاف دولار يوميًا و50 ألفًا شهريًا للشركات والأفراد وهو ما جعل الطلب منعدمًا فى السوق السوداء. أهمية هذا القرار تأتى من معرفة أن المستوردين كانوا يستعينون بالسوق السوداء للحصول على السيولة الدولارية المطلوبة وإيداعها فى البنوك لفتح الاعتمادات المستندية للسلع التى يستوردونها، وهو ما كان يجعل الطلب كبيرًا على السوق السوداء، فجاء القرار ليحجم تحركات المستوردين خصوصًا مستوردى السلع الترفيهية مع تولى البنوك مهمة توفير السيولة للسلع الأساسية، بالإضافة إلى اضطرار العملاء لاستبدال عملاتهم فى البنوك بدلًا من السوق السوداء وهو ما يدفع لزيادة السيولة الدولارية بالبنوك. هل تكون المعركة الأخيرة ؟ المعركة انتهت لكن لا توجد ضمانات كافية لعدم تجددها خصوصًا فى ظل استمرار الاحتياطى النقدى عند مستويات متدنية رغم الزيادة الأخيرة ليسجل 15,4 مليار دولار بنهاية يناير، واستمرار تراجع موارد الدولة الدولارية من السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما أن المعركة التى حدثت ليست جديدة وتكررت مرارًا خلال السنوات الماضية . ورغم أن قمة مارس قد تسهم فى زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعدما أعلن وزير الاستثمار أن الحكومة تستهدف عرض 30 مشروعًا باستثمارات تقترب من 20 مليار دولار خلال القمة، إلا أن نتائج تلك المشروعات لن تكون على المدى القريب الذى يدعم الاحتياطى النقدى الأجنبى، ولكن هناك محورًا أخيرًا قد يكون هو الضامن لعدم تجدد المعركة بالأجل القريب وهو دخول قروض خارجية أو مساعدات عربية تدعم الاحتياطى خصوصًا فى ظل تسرب أنباء عن مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار قبل قمة مارس. كما أن هناك أنشطة بعينها لا تمولها البنوك لاحتياجاتها الكبيرة من العملة الأجنبية، حيث تصل احتياجاتها إلى ملايين الدولارات يوميًا، خصوصًا قطاع شركات الذهب التى تلجأ للاستيراد يوميًا من السوق العالمى وتحتاج تلك الشركات لسيولة دولارية كبيرة لتنفيذ عملياتها ولا تمولها البنوك، هذا بالإضافة إلى الأنشطة الأخرى الترفيهية والتى يُطلق عليها “السلع الاستفزازية” مثل لعب الأطفال والسلع غير الأساسية، خصوصًا فى ظل اتصاف الشعب المصرى بالنزعة الاستهلاكية. وفى ظل عدم سيطرة الحكومة على تهريب تلك السلع أو استيرادها بشكل رسمى تظل السوق السوداء هى المورد الوحيد، وبالتالى فكسادها مؤقت واستمراره يستلزم توافر السيولة الدولارية بالقنوات الطبيعية. الضامن الوحيدة لاستقرار السوق فى ظل التطورات الحالية، يجب اتخاذ إجراءات تعمل على حل المشكلة على الأمد البعيد وهى العمل على تنشيط الاقتصاد بحيث تعود القطاعات الحيوية مثل السياحة والاستثمارات للعمل مرة أخرى، هذا بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة مع استيراد السلع غير الأساسية لتقنينها والتحكم فيها بحيث لا تصبح أداة لتنشيط السوق السوداء للدولار. ولحين ظهور نتائج الإصلاحات ونجاح قرارات الحكومة يظل الضامن الوحيد لتحقيق استقرار نسبى فى سوق الصرف هو اتخاذ مزيد من الإجراءا والمبادرات لتشجيع العاملين بالخارج على تبديل تحويلاتهم الدولارية داخل البنوك بدلًا من السوق السوداء وبذلك تضمن الدولة نحو 20 مليار دولار سنويًا فى خزائن البنوك، بالإضافة إلى نجاح القمة الاقتصادية وهو ما قد يترتب عليه دخول قروض أو ودائع خليجية وأجنبية لتدعيم الاحتياطى وتلبية الاحتياجات من السلع لحين ظهور الاستقرار طويل الأجل من الدخل الاقتصادى الذاتى . اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/457v