أعمده ومقالات البنا فى الميزان (16) بواسطة محمد حبيب 19 يناير 2015 | 1:41 م كتب محمد حبيب 19 يناير 2015 | 1:41 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 4 في لحظة غلب فيها الانفعال الحاد على أحاسيس ومشاعر البنا عند سماعه خبر الحكم الجائر الذي أصدره المستشار الخازندار على بعض الإخوان، صدرت منه عبارات تتمنى على الله أن يخلصه من الخازندار. وقد فهم السندى، رئيس التنظيم الخاص أو السرى، ذلك على أنه أمر من البنا بإنفاذ هذه الأمنية.. فما كان منه إلا أن كلف حسن عبدالحافظ ومحمود سعيد زينهم، عضوى التنظيم، باغتيال الخازندار.. لم يكن هناك تردد أو مناقشة أو مراجعة، وتم التنفيذ.. في كتابه «النقط فوق الحروف.. الإخوان المسلمون والنظام الخاص»، يقول أحمد عادل كمال: «كان الرجل، (يقصد البنا)، رحمه الله، أكثر الناس مفاجأة بهذا الحادث، فاللذان قتلا الرجل من جماعته، ومع ذلك لم يؤخذ رأيه ولم يخبره أحد مسبقا.. وهذه هي الحقيقة. (ملحوظة: وهل هذا مقبول في تنظيم تعتبر فيه الكلمة الأخيرة للمرشد؟!). غضب الأستاذ البنا غضبا شديدا وناقش عبدالرحمن الحساب». ثم يقول: «لم يكن اعتراض الأستاذ البنا مقصورا على تخطيط العملية، وإنما انصب اعتراضه في المقام الأول على شرعيتها. كان من رأيه أن من حق القاضى أن يخطئ، وأن اغتياله غير جائز شرعا. هنا وبعد أن عرفنا هذا انتكست أحاسيسنا وارتد حماسنا لهذه العملية وأشفقنا أيما إشفاق على حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم. إننا نفعل ما نفعل- كل ما نفعل- جهادا في سبيل الله وابتغاء رضاه، فإذا انتهينا إلى أن العمل غير جائز شرعا فمن شأن هذا أن يصيبنا بصدمة. (ملحوظة: هل كان أعضاء التنظيم الخاص في حاجة إلى رأى البنا كى يدركوا أن هذا العمل غير جائز شرعا؟!). لست أدرى لماذا لم نحاول أن نعالج المشكلة معالجة شرعية، لم نحاول أن نؤدى الدية إلى ورثة الخازندار وأن نسترضيهم حتى يرضوا.. ربما كانوا رضوا وربما كانوا رفضوا.. ولكننا لم نحاول». في تصورى، هناك نقطتان مهمتان، الأولى: أن البنا كقيادة مسؤولة لم يدرك قبل أن يتلفظ بعبارة: «لو ربنا يخلصنا منه»، أو «لو نخلص منه»، أو «لو واحد يخلصنا منه»- تعليقاً على أحكام الخازندار- أن هناك من سيتلقفها ويعتبرها كأنها أمر واجب النفاذ، فالقيادة يجب أن تكون كلماتها محسوبة بدقة ومنضبطة، وفى مكانها وزمانها، وتراعى السامع وعقله وفهمه وفقهه والظرف العام الذي يمر به، وهكذا.. وبالتالى، فأنا أعتبر البنا مسؤولا بدرجة ما عن تلك الجريمة، والثانية: أن السندى لم يتأكد أو يسأل أو حتى يستفسر من البنا- وهو قريب منه- إن كان ما فهمه صحيحا أو خطأ، أو مجرد أمنية أبداها البنا في لحظة انفعال.. وحتى لو كان البنا قد أصدر إليه أمرا واضحا بالاغتيال، فهذا لا يعفيه من أنه كان المسؤول الأول عن الجريمة.. واضح أن حرمة الدم لم يكن لها في عقل ووجدان السندى تلك المكانة الكبرى في الإسلام.. ففى رواية الصحيحين أن رسول الله (ص) قال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزانى، والمارق من الدين التارك للجماعة». وواضح أيضا أن الاستهانة بالقانون كانت السمة الغالبة عند السندى، وربما عند التنظيم الخاص برمته.. إن الجلسة التي رواها عبدالعزيز كامل في كتابه، والتى جمعت البنا وقيادات التنظيم الخاص انتهت إلى لا شىء، فقط: «استقر رأيه على تكوين لجنة تضم كبار المسؤولين عن النظام، بحيث لا ينفرد عبدالرحمن برأى ولا تصرف، وتأخذ اللجنة توجيهاتها الواضحة المحددة من الأستاذ، وأن يوزن هذا بميزان دينى يقتضى أن يكون من بين أعضائها- بالإضافة إلى أنها تتلقى أوامرها من الأستاذ- رجل دين على علم وإيمان، ومن هنا جاء دور الشيخ سيد سابق ميزاناً لحركة الآلة العنيفة» (!).. ومع ذلك لم تتوقف آلة القتل.. كنت أتوقع أن تكون هناك محاسبة لكل من البنا والسندى، وأن تكون هناك عقوبة ما لكل منهما.. من العجيب أنه لم تحدث تخطئة أو إدانة للبنا ولا للسندى، وكأنها كانت جلسة عتاب.. ولم نلاحظ أي رد أو تعقيب لأحد من قيادات التنظيم الخاص الموجودين في تلك الجلسة، فقد كان حاضرا- بالإضافة للسندى- أحمد حسنين، مصطفى مشهور، محمود الصباغ، سيد فايز، يوسف طلعت، إبراهيم الطيب، حسنى عبدالباقى، حلمى عبدالحميد، سيد سابق، أحمد زكى، صالح عشماوى، أحمد حجازى، ومحمود عساف.. لقد أصاب الجميع وجوم (!).. فهل هذا معقول؟!