تقارير وتحليلات رويترز: مصر تسعى لتعديل اتفاق غير متوازن مع عملاق النقل البحرى “ميرسك” بواسطة أموال الغد 24 نوفمبر 2014 | 7:46 م كتب أموال الغد 24 نوفمبر 2014 | 7:46 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 3 تسعى الحكومة المصرية هذه الأيام، إلى إعادة التفاوض مع شركة ميرسك العالمية “Maersk”، أكبر شركة للنقل البحرى التجارى فى العالم، حول اتفاق تم توقيعه منذ سنوات، لكنه تضمن شروطًا تراها الحكومة الآن مجحفة بشدة. الاتفاق الذى تسعى الحكومة إلى تغييره هو “ملحق 5″، تم توقيعه عام 2007 والذى أدخل تعديلات على عقد امتياز كان قد تم توقيعه عام 1999 بين الحكومة وشركة “قناة السويس لتداول الحاويات” إحدى شركات مجموعة ميرسك لإدارة محطة حاويات ميناء شرق بورسعيد، والمعروف بـ”شرق التفريعة”. لكن “ملحق 5” نص على مجموعة من البنود “لا تحقق توازن مالى للحكومة.. بينما تحقق للشركة فوائد مالية تقدر بنحو 1.5 مليار دولار خلال مدة العقد”، يقول أحمد أمين، مستشار وزير النقل للنقل البحرى، لأصوات مصرية. ورغم أن “ملحق 5” دخل حيز التنفيذ بالفعل فى العام التالى لتوقيعه، إلا أن الحكومة تأمل فى إقناع الشركة، التى تساهم فيها مجموعة ميرسك بـ55%، بتعديل بعض بنوده. وتملك الحكومة ورقة تفاوضية يمكن أن تدعم موقفها فى المناقشات مع الشركة تتمثل فى رغبة “قناة السويس لتداول الحاويات” فى أن تفى الحكومة بتعهداتها السابقة بتنفيذ بعض أعمال البنية التحتية عند الميناء، والتى ستسمح عند إتمامها بزيادة نشاط الشركة بنسبة 60% أسبوعياً، طبقا لتقديرات لارس كوش-سوليست، الرئيس التنفيذى التجارى. ويقول أمين إن الحكومة على استعداد لتنفيذ أعمال البنية التحتية تلك “فى الوقت المناسب”، ولكن بالتوازى مع إعادة التفاوض حول “ملحق 5”. وفى أواخر التسعينات تم الإعلان عن مشروع ميناء شرق بورسعيد “شرق التفريعة” كأحد المشروعات القومية الكبرى التى تبنتها حكومة كمال الجنزورى. وتضمن المشروع تطوير الميناء الذى يقع عند مدينة بورسعيد وبالتحديد شرق التفريعة الشرقية لقناة السويس، وإقامة محطة حاويات تم منح حق إدارتها لشركة “قناة السويس لتداول الحاويات” بموجب عقد امتياز تم توقيعه عام 1999. وفى عام 2007 تم الاتفاق بين الحكومة المصرية وشركة “قناة السويس لتداول الحاويات” على إضافة ملحق جديد “ملحق 5” لعقد الامتياز الأصلى، وقد أعطى هذا الملحق عددا من الامتيازات للشركة، تعتبرها الحكومة الآن امتيازات غير عادلة، وأهمها: 1. زيادة سنوات حق الامتياز بحسب الملحق الذى حصلت أصوات مصرية على نسخة منه، تمت زيادة فترة حق الامتياز الممنوح للشركة من 35 سنة، كما كان ينص العقد الأصلى، إلى 49 سنة. يقول مستشار وزير النقل “المفروض إن المشروع كله كان هيبقى بتاع الحكومة ويتحول لها لإدارته بعد 35 سنة”، مشيراً إلى أنه “لم يحدث وأن حصلت أية شركة أخرى على حق إدارة محطة حاويات فى موانئ مصر كل هذه المدة”. 2. إعفاء الشركة من رسوم تداول الحاويات نص الملحق أيضاً على إعفاء الشركة من رسوم التداول التى تدفعها للحكومة على كل حاوية يتم تداولها (المقدرة بنحو 3 دولارات)، وذلك لمدة 17 عاماً تبدأ من 2008، العام التالى لتوقيع الملحق. 3. إعفاء الشركة من إيجار المرحلة الثانية وتضمن الملحق كذلك إعفاء الشركة من إيجار أرض المرحلة الثانية من المشروع، والمقدرة بنحو 600 ألف متر مربع، ما يوازى نصف مساحة المشروع، لمدة 17 سنة أيضاً. ويوضح أمين أن العقد الأصلى المبرم عام 1999 نص على منح الشركة رصيفين، كل منهما بطول 1200 مترا، وفى “ملحق 5” تم حجز رصيف إضافى للشركة بطول 450 متراً، لم يكن منصوصا عليه فى العقد الأصلى. فى المقابل حصلت الحكومة فى “ملحق 5” على امتيازين، أحدهما لا يمثل “مكسبا حقيقيا للحكومة”، وفقا لمستشار وزير النقل. الامتياز الأول هو أن تتولى الشركة بناء الرصيف البحرى للمرحلة الثانية بدلاً من الحكومة (كما كان ينص الاتفاق الأصلي) بتكلفة 80 مليون دولار، إلا أن هذه التكلفة سيتم خصمها من العوائد المستحقة على الشركة لصالح هيئة موانئ بورسعيد. والامتياز الثانى هو أن تتنازل الشركة عن بند “حق الأولوية” الذى كان منصوصا عليه فى العقد الأصلى، ويقضى بأن الحكومة إذا قررت بناء محطة حاويات أخرى فى ميناء شرق بورسعيد، فإنها تكون ملزمة بعرض هذه المحطة الجديدة على الشركة أولاً. إلا أن هذا الامتياز ليس له أهمية كبيرة، يقول أمين، مقارنة بما حصلت عليه الشركة من مكاسب. وفى سعيها لإعادة التفاوض حول بنود “ملحق 5” تعول الحكومة على رغبة الشركة فى أن تنفذ الدولة بعض أعمال البنية التحتية التى كانت قد تعهدت بها. مجموعة ميرسك قلقة على مستقبل “قناة السويس لتداول الحاويات”، فبينما “نجحت الشركة فى تحقيق نمو قوى منذ أن بدأت عملها فى مصر منذ 10 سنوات، حتى فى الأوقات الصعبة بعد 2011، إلا أن قدرتها التنافسية مهددة إذا لم يتم تطوير الميناء”. كوش سوليست، الرئيس التنفيذى التجارى للشركة يقول “فى 2014 أصبحنا غير قادرين على جذب عملاء جدد .. مما يعنى أن الحكومة المصرية لن تحصل على أموال إضافية من أعمال شركتنا.. تحسين البنية التحتية للميناء لا غنى عنه حاليا لتعظيم الاستفادة من قدرة المحطة على استقبال سفن حاويات أكبر”. وأضاف أن “الطاقة الاستيعابية للشركة تتراوح بين 70 إلى 80 سفينة أسبوعيا لكن 50 سفينة فقط هى التى يمكنها الدخول الآن”. ويوضح أن السبب فى ذلك هو نظام القوافل المتبع فى قناة السويس، والذى لا يسمح إلا بمرور السفن المتجهة إلى الناحية الشمالية فى أوقات معينة من اليوم، ومرور السفن المتجهة إلى الجنوب فى أوقات أخرى محددة، فهو طريق ذو اتجاه واحد، “مما يؤثر بالسلب على نشاط الشركة”. “نظام القوافل يخلق وضعا غير مرن لنا.. فلا يمكن للسفن أن تدخل إلى الميناء فى الوقت الذى تمر فيه القوافل شمالا، وعليها أن تنتظر وقت مرور البواخر إلى الجنوب حتى تتمكن من دخول الميناء”. وتابع أن “الخطة الأصلية كانت تتضمن حصولنا على مدخل مستقل لميناء شرق بورسعيد من البحر المتوسط مباشرة دون الارتباط بقناة السويس، وبنظام القوافل المتبع بها، مما يسمح بوصول السفن إلى الميناء فى أى وقت خلال اليوم، وهذا سيزيد نشاط الشركة بحوالى 60% وبالتالى ستحصل الحكومة أموالا أكثر”، وبالإضافة إلى القناة الجانبية التى تحتاجها الشركة، فإنها تحتاج أيضا إلى تعميق الميناء الرئيسية. واستطرد “السفن الحديثة، بما فيها سفن ميرسك لاين، تحتاج إلى عمق 16 مترا.. ولكننا الأن لا نستطيع أن نستقبل غير السفن التى تحتاج إلى عمق 15.5 متر فقط.. لذلك فإذا لم يتم التعميق فى أسرع وقت.. سنفقد قدرتنا على المنافسة”. ولذلك طلبت ميرسك من الحكومة المصرية تنفيذ الاتفاق المبرم بينهما فى 1999 وينص على التزام الحكومة بتنفيذ وتمويل أعمال التعميق التى تحتاجها الشركة. وبالرغم من اقتناع الحكومة بعدم وجود ضرورة ملحة لتطوير الميناء حالياً، “لأن عدد السفن المترددة عليه قليل، حيث إن شركة قناة السويس لتداول الحاويات هى الوحيدة التى تعمل هناك حالياً”، إلا أن وزير النقل اجتمع مع رئيسى الشركة المصرى والإقليمى منذ عشرة أيام لمحاولة الوصول لحل مرضى. وخلال الاجتماع “أكدنا لهما إلتزامنا بتشغيل القناة الجانبية وتعميق القناة الرئيسية فى الوقت المناسب”، قال أمين الذى حضر الاجتماع. “معدات التكريك متوافرة حالياً فى مشروع إزدواج قناة السويس… لذلك وجدنا أنها فرصة أن نستغلها فى تعميق ميناء شرق بورسعيد وذلك بعد انتهاء مشروع الازداوج بعد عام”. ويضيف أمين “إثباتاً لحسن نيتنا بدأنا التنسيق مع هيئة قناة السويس للسماح للشركة باستخدام القناة الجانبية بعمقها الحالى.. وذلك عن طريق وضع علامات استرشادية على المسار المحدد لتلك القناة”. ويوضح أمين أن القناة الجانبية موجودة حاليا لكنها غير مفعلة، فهى تحتاج إلى علامات ترشد السفن إلى مكانها. وعمق الغاطس بها يتراوح بين 9 إلى 10 متراً فقط، وهو ما يسمح بمرور معظم سفن الروافد (المراكب الصغيرة ذات الحمولات القليلة). وهذه الخطوة تمهيداً لتعميقها إلى 18.5 متراً لتصبح قناة كاملة”، بالإضافة إلى تعميق الميناء الأساسية بحوالى متراً، وذلك خلال سنة ونصف. وتبعاً لتقديرات وزارة النقل، مشروع تعميق القناة الجانبية سيكلف الحكومة 130 مليون دولار، بينما تبلغ تكلفة تعميق الميناء الرئيسية 20 مليون دولار. أمين يقول “اتفقنا مع الشركة على إلتزامنا بتعميق القناة لكن تم الاتفاق أيضاً أنه سيتم بالتوازى لذلك بدء جولة جديدة من المفاوضات فى ديسمبر حول بنود ملحق 5 لتعديلها بما يحقق توزان مالى للحكومة”. ويوضح أمين، الذى سيشارك فى المفاوضات، أن التفاوض سيشمل جميع البنود “الإعفاءات الممنوحة للشركة وأية امتيازات أخرى.. سنحاول أيضا تقليل عدد سنوات الامتياز الممنوحة للشركة”. أما كوش-سوليست فقد رفض التعليق على ما إذا كانت الشركة على استعداد للتنازل عن بعض الامتيازات التى حصلت عليها فى “ملحق 5″، والتى ترغب الحكومة فى إعادة التفاوض حولها، واكتفى بقوله “لدينا حوار جيد ومستمر مع الحكومة بما يقود للأفضل للطرفين”. ويوجد فى مصر أربعة موانئ لتداول الحاويات، ميناء شرق بورسعيد الذى تدير محطة الحاويات به “قناة السويس لتداول الحاويات”، وميناء السخنة الذى تدير أكثر من محطة به شركة “موانئ دبى العالمية”. بالإضافة إلى ميناء دمياط الذى تدير محطة حاويات به شركة دمياط لتداول الحاويات، وهى شركة مصربة تابعة للقابضة للنقل البرى والبحرى، والميناء الرابع هو الأسكندرية الذى تديره شركتان، إحداهما مصرية وهى “الأسكندرية لتداول الحاويات”، والأخرى بها شراكة أجنبية، وهى شركة “الأسكندرية الدولية لتداول الحاويات”. وبحسب بيانات وزارة النقل وشركة قناة السويس لتداول الحاويات، فإن الأخيرة تستحوذ على 50% من إجمالى حجم تداول الحاويات فى مصر، لكن 90% منها حاويات ترانزيت. فتبعا للنقل، يتم تداول 6 مليون حاوية سنويا فى مصر، 3 مليون منها من نصيب قناة السويس لتداول الحاويات. وتملك مجموعة ميرسك 55% من “قناة السويس لتداول الحاويات”، بينما تملك شركة “كوسكو باسيفيك” الصينية 20% من الشركة، وهيئة قناة السويس 10%، والبنك الاهلى المصرى 5%، والنسبة المتبقية تمتلكها شركات خاصة. وبينما بدأت الشركة عملها فى 2004 لخدمة “ميرسك لاين”، إحدى الوحدات الرئيسية لمجموعة ميرسك، فإن الوضع تغير الأن وأصبحت ميرسك لاين تستحوذ على 45% من إجمالى أعمال الشركة، والـ55% المتبقية لعملاء أخرين، كما يقول الرئيس التنفيذى التجارى للشركة. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/xyag